كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


5911 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ نحن نعيش خارج البلاد الإسلامية، ونظام الدراسة لا يمكن بعض الطلبة من حضور صلاة الجمعة فهل لهؤلاء إعادة الجمعة في المسجد بعد انقضاء صلاة الجمعة الأولى‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ما يفعله الناس من إعادة الجمعة في مسجد واحد بحجة أن النظام في المدرسة لا يمكن المتأخرين من أداء الجمعة مع الأولين، فهذا على مذهب ابن حزم ومن وافقه لا بأس به، حيث يرى أن من فاتته الجمعة ووجد من يصلي معه ولو واحداً فإنه يصلي معه جمعة، أما إن لم يجد أحداً فإنه يصلي ظهراً‏.‏

وأما على مذاهب الفقهاء فإنه لا يصح هذا العمل؛ لأنه يفضي إلى تعدد الجمعة بدون حاجة، وليس من الحاجة أن الطائفة الثانية يمنعها نظام الدراسة من أدائها مع الأولين، وإلا لكان كل من فاتته الجمعة لشغل جاز أن يقيمها مع جماعته فيفوت بذلك مقصود الشارع بالجمعة من اجتماع الناس في مكان واحد، على عبادة واحدة، خلف إمام واحد‏.‏

نعم لو كان الطائفة الثانية في مكان بعيد عن الأولين وأقاموا الجمعة في مكانهم لكان ذلك جائزاً لحاجة البعد عن مكان الأولين مع اختلاف زمن أدائها‏.‏

لكن الفقهاء يشترطون لصحة صلاة الجمعة أن يكون المقيمون لها مستوطنين في البلد كلهم، أو من يحصل بهم العدد المشترط، على الخلاف بينهم في العدد‏:‏ هل هو أربعون‏؟‏ أو اثنا عشر‏؟‏ أو ثلاثة بالإمام أو دونه‏؟‏ وعلى هذا فإذا كان الدارسون في بلد ليس فيه مسلمون مستوطنون فإن الجمعة لا تصح منهم، وإنما يصلون ظهراً كغيرها من الأيام‏.‏

وفي هذه الحال يمكنهم أن يعينوا وقتاً دورياً، أو طارئاً للاجتماع فيه، ودراسة أحوالهم، وحل مشاكلهم الدينية والدنيوية‏.‏

وأما على مذهب ابن حزم ومن وافقه فلا يشترط الاستيطان لصحة الجمعة، فتصح الصلاة جمعة وإن كان المقيميون لها مسافرين، بل تجب عليهم أيضاً‏.‏

* * *

6911 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل يجوز للمصلي في يوم الجمعة أن يترك المسجد الموجود في منطقته ويذهب إلى مسجد آخر بعيد المسافة، وذلك لكون الخطيب لديه اطلاع واسع‏.‏ وجيد الإلقاء‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الأحسن أن يصلي أهل الحي في مسجدهم للتعارف والتآلف بينهم، وتشجيع بعضهم بعضاً، فإذا ذهب أحد إلى مسجد آخر لمصلحة دينية كتحصيل علم، أو استماع إلى خطبة تكون أشد تأثيراً، وأكثر علماً فإن هذا لا بأس به، وكان الصحابة رضي الله عنهم يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم، في مسجده لإدراك فضل الإمام، وفضل المسجد، ثم يذهبون ليصلوا في حيهم، كما كان يفعل معاذ رضي الله عنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم، ولم ينكره الرسول صلى الله عليه وسلم‏.‏

* * *

7911 وسئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ أنا أحد الطلبة المبتعثين للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن المعروف أن يوم الجمعة يوم دراسي، ففي هذا اليوم تتعارض مواد الدراسة مع صلاة الجمعة التي تقام في مسجد المدينة الصغير، الساعة الواحدة والنصف، وليس بإمكاني التوفيق بين هذه المواد والصلاة في وقت واحد، علماً بأنه ليس هناك بديل لهذه المواد، وهي مواد أساسية في التخصص، ولقد تمكنت من الاستئذان من مدرس المادة في أحد أيام الجمعة، ولكن قال لي‏:‏ لن أسمح لك مرة أخرى؛ لأن ذلك يؤثر في مستواك الدراسي، فماذا أفعل‏؟‏ أفيدوني أفادكم الله‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أرى أنه إذا كان يسمع النداء فإن الواجب عليه الحضور إلى صلاة الجمعة لعموم قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ‏}‏ وإذا كان الله تعالى أمر بترك البيع مع أنه قد يكون مما يضطر إليه الإنسان، أوعلى الأصح ما يحتاج إليه الإنسان، كذلك هذه الدراسة يلزمه تركها والحضور إلى الجمعة‏.‏

أما إذا كان المسجد بعيداً فإنه لا يلزمه الحضور إذا كان يشق عليه الحضور إلى مكان الجمعة‏.‏

* * *

8911 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل يجوز للمقيم أن يسافر ويصلي الجمعة في بلد آخر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إن كان قصده تعظيم المكان فهو حرام؛ لأنه لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد‏.‏

أما إذا كان قصده الانتفاع بخطبة الخطيب؛ لأنها خطبة مفيدة فلا بأس‏.‏ فهذا سافر للعلم، ولم يسافر للمسجد‏.‏ ولهذا لو انتقل هذا الخطيب إلى بلد آخر تبعه‏.‏

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم‏.‏‏.‏ حفظه الله تعالى

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته‏.‏ وإليكم الجواب على ما سألتم عنه‏:‏

الأول‏:‏ سؤالكم عن جواز الجمع والقصر لكم‏.‏

وجوابه‏:‏ أن القصر والجمع جائز لكم، لكن الأفضل ترك الجمع إلا لحاجة، مثل‏:‏ أن يكون الماء قليلاً، وإن جمعتم بدون حاجة فلا بأس؛ لأنكم مسافرون، فإنكم انتدبتم لعمل مؤقت لا تنوون استيطاناً ولا إقامة مطلقة وإنما إقامتكم لحاجة متى انتهت رجعتم إلى بلادكم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام في تبوك عشرين يوماً يصلي ركعتين، وأقام عام الفتح في مكة تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة، ومازال المسلمون يقيمون في الثغور الأشهر وربما السنة والسنتين ويقصرون الصلاة، ولم يحد النبي صلى الله عليه وسلم لأمته حدًّا ينقطع به حكم السفر لمن كان مسافراً‏.‏ هذا هو القول الصحيح‏.‏

ويرى بعض العلماء أن من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام لزمه أن يتم‏.‏

السؤال الثاني‏:‏ عن صلاتكم الجمعة‏:‏

وجوابه‏:‏ أنه ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الجمعة في السفر وبناء على ذلك فلا تشرع لكم صلاة الجمعة، وإنما تصلون ظهراً مقصورة‏.‏

وقد كتب الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله إلى الملك سعود رحمه الله كتاباً قال فيه‏:‏ من خصوص فارس أبا العلاء والجنود الذي معه في البرود يصلون الجمعة وهم ليس في حقهم جمعة، ولا يشرع لهم ذلك، فينبغي المبادرة في تنبيههم على ذلك، ومنعهم من التجميع‏.‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏

السؤال الثالث‏:‏ هل نعتبر مسافرين وعلى ذلك نفطر‏؟‏

وجوابه‏:‏ أنه متى جاز لكم قصر الصلاة جاز لكم الفطر، وقد سبق في الجواب الأول أن القول الصحيح جواز القصر في حقكم، ولكن الصوم للمسافر أفضل إذا لم يشق عليه‏.‏

السؤال الرابع‏:‏ عن ضابط المشقة‏؟‏

وجوابه‏:‏ أن المشقة هي أن يحصل للإنسان شيء من التكلف والتحمل‏.‏

وأما موضوع التدخين فتعلمون بارك الله فيكم أن عموميات الكتاب والسنة تدل على تحريمه حيث ثبت ضرره، وعلى هذا فلا يجوز للإنسان شرب الدخان، وينبغي أن يستغل فرصة شهر رمضان للتخلص منه، فإن الصائم في النهار قد حماه الله منه بالصوم، فليتصبر في الليل عنه حتى يستعين بذلك على التخلص منه، بالإضافة إلى استعانته بالله ودعائه‏.‏

السؤال الخامس‏:‏ هل الأفضل بقاؤكم في عملكم أو استئذانكم للسفر إلى مكة‏؟‏

وجوابه‏:‏ أن الأفضل بقاؤكم في عملكم؛ لأنه عمل مهم وقيام بواجب، وسفركم إلى مكة من قبيل التطوع، والقيام بالواجب أفضل من القيام بالتطوع‏.‏

السؤال السادس‏:‏ هل تصلون التراويح وأنتم تقصرون الصلاة‏؟‏

وجوابه‏:‏ نعم تصلون التراويح، وتقومون الليل، وتصلون صلاة الضحى وغيرها من النوافل لكن لا تصلون راتبة لظهر، أو مغرب، أو عشاء‏.‏

السؤال السابع‏:‏ عن التيمم لصلاة الفجر من الجنابة إذا كان الجو بارداً‏؟‏

وجوابه‏:‏ إذا وجب الغسل على أحدكم وكان الماء بارداً، ولم يكن عنده ما يسخن به الماء، وخاف على نفسه من المرض فلا بأس أن يتيمم، فإذا تمكن من الغسل بعد دفء الجو والماء، أو وجود ما يسخن به الماء وجب عليه أن يغتسل؛ لأن التيمم إنما يطهر حال وجود العذر، فإذا زال العذر عاد الحدث ووجب استعمال الماء‏.‏

كتب هذه الأجوبة السبعة محمد الصالح العثيمين في 03/8/1141ه‏.‏

* * *

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم‏.‏‏.‏ حفظه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتابكم غير المؤرخ وصلني يوم الاثنين 41/2/3041ه الجاري وقرأته بمشقة لخفاء حروفه بضعف مداده، وماتضمنه من الأسئلة فإليكم جوابه، سائلين الله تعالى أن يلهمنا فيها الصواب‏:‏

ج 1‏:‏ تعريف السفر عندنا ما سماه الناس سفراً، ولا يتحدد ذلك بمسافة معينة، ولا مدة معينة، وذلك لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك تحديد، فمادام الإنسان مفارقاً لمحل إقامته وهو عند الناس مسافر فهو في سفر، وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‏:‏ ‏(‏كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أيام، أو فراسخ صلى ركعتين‏)‏ ‏.‏ وفي صحيح البخاري عنه قال‏:‏ ‏(‏خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة، قيل له‏:‏ أقمتم بمكة شيئاً‏؟‏ قال‏:‏ أقمنا بها عشراً‏)‏، وكان ذلك في حجة الوداع، وفيه أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ ‏(‏أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يوماً يصلي ركعتين‏)‏ وكان ذلك عام الفتح‏.‏ قال في الفتح ص 765 ج 2 ط السلفية عن حديث أنس الأول‏:‏ ‏(‏وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه‏)‏ ‏.‏

قلت‏:‏ ولا يصح حمله على أن المراد به المسافة التي يبتدىء منها القصر لا غاية السفر؛ لأن أنس بن مالك رضي الله عنه أجاب به من سأله عن خروجه من البصرة إلى الكوفة أيقصر الصلاة، وأيضاً فقد نقل في الفتح عن ابن المنذر إجماع أهل العلم على أن لمريد السفر أن يقصر إذا خرج عن جميع بيوت قريته، يعني وإن لم يتجاوز ثلاثة أميال أو فراسخ‏.‏

وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوماً يقصر الصلاة ولم يكن ذلك تحديداً منه، فلما لم يحدد ذلك لأمته علم أنه ليس فيه تحديد، وأن المسافر مادام لم يعزم على الإقامة المطلقة فإن حكم السفر في حقه باق‏.‏

وقد كتبنا في ذلك أجوبة مبسوطة ومختصرة لأسئلة متعددة اخترنا أن نبعث لكم صورة من المتوسط منها نسأل الله أن ينفع بها‏.‏

ج 2 وأما من انتقلت وظيفته إلى بلد فانتقل إليها مطمئناً بذلك فإن البلد الثاني هو محل إقامته؛ لأن الأصل بقاء وظيفته وعدم نقله مرة أخرى، وأما إذا لم يطمئن وإنما حدد عمله وإقامته في البلد المنقول إليه، أو كان ذلك لم يحدد ولكن هو يطالب برده إلى وطنه الأول وهو عازم على الرجوع إليه ولو أدى ذلك إلى استقالته فإنه حينئذ مسافر على ما نراه‏.‏

ج 3 وأما ظنكم أن المقيم الذي له حكم المسافر لا يشهد الجمعة ولا الجماعة فاعلموا أن من سمع النداء وجبت عليه الإجابة لعموم الأدلة الدالة على ذلك‏.‏

ج 4 وأما من له أهلان أحدهم في الرياض، والاخرون في جدة فإن كلا البلدين وطنه، فمتى جاء إلى جدة فقد انقطع سفره، ومتى جاء إلى الرياض فقد انقطع سفره، والفرق بين هذا وبين المبتعثين للدراسة ظاهره، فإن هؤلاء المبعوثين لم يتأهلوا في البلاد التي بعثوا إليها، وإنما هم فيها لحاجة متى انتهت رجعوا‏.‏

ج 5 وأما ترك إقامة الجمعة من غير المستوطنين ولو كانوا مقيمين فهذا ما ذكره فقهاء الحنابلة وهو موضع خلاف بين أهل العلم‏:‏

فقهاء الحنابلة يرون أنه لا تصح الجمعة من هؤلاء، وهو المشهور عند الشافعية‏.‏

وفيه وجه للشافعية بالجواز‏.‏

فإن رأيتم أن في إقامتها مصلحة للإسلام والمسلمين فأرجو أن لا يكون في ذلك بأس إن شاءالله تعالى، مع أني والله أرجح عدم إقامتها، إلا إذا كان معهم مستوطنون‏.‏

ومصلحة الاجتماع تحصل بدون إقامة الجمعة مثل أن تنظم ندوات شهرية، أو أسبوعية تلقى فيها الخطب، وتحصل المناقشات التي فيها الفائدة الحاصلة بخطبة الجمعة والاجتماع لها‏.‏

وأسأل الله لي ولكم العافية، والتوفيق للصواب، وليست هذه الأمور الشرعية تؤخذ بما يبدو من المصالح التي قد تحصل بغيرها بدون تعدٍّ لقواعد الشريعة، والله تعالى أحكم الحاكمين‏.‏

9911 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ إذا صلت المرأة صلاة الجمعة في المسجد الحرام فهل تجزؤها عن صلاة الظهر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا صلت المرأة الجمعة في المسجد الحرام أجزأتها عن الظهر، وكذلك لو صلت في غيره من المساجد مع الناس صلاة الجمعة فإنها تجزؤها عن صلاة الظهر‏.‏

* * *

0021 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ كم تصلي المرأة الجمعة‏؟‏

فأجاب فضيلته قائلاً‏:‏ المرأة إن صلت الجمعة مع الإمام فإنها تصلي كما يصلي الإمام، وأما إذا صلت في بيتها فإنها تصلي ظهراً أربع ركعات‏.‏

* * *

1021 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل يجوز للمرأة أن تصلي الجمعة وتجزؤها عن صلاتها الظهر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ يجوز للمرأة أن تصلي الجمعة مع الإمام، وتجزؤها عن صلاة الظهر، أما في بيتها فتجب عليها صلاة الظهر‏.‏

* * *

2021 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن رجل مسافر جاء إلى صلاة الجمعة في المسجد فأدرك معهم التشهد الأخير، فهل يصلي أربعاً أو يصلي كصلاتهم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ المسافر لا تلزمه الظهر إلا مقصورة، فإذا أدرك من الجمعة أقل من ركعة وجبت عليه الظهر، والظهر بحقه مقصورة ركعتان فليصل ركعتين فقط، لأنه غير مقيم بل هو مسافر، أما لو أدرك ركعة فإنه يأتي بركعة واحدة، وتكون له جمعة‏.‏

* * *

3021 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ من لم يدرك من صلاة الجمعة إلا أقل من ركعة فهل يقضيها ركعتين أم أربع ركعات‏؟‏

أفتونا مأجورين حيث أن كثير من الناس يشتبه عليه الأمر في ذلك وفقكم الله وبارك فيكم‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا لم يدرك من صلاة الجمعة إلا أقل من ركعة فإنه يجب عليه أن يصلي الظهر أربعاً؛ لأن الجمعة قد فاتته لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة‏)‏ ‏.‏ فإن مفهومه أن من أدرك دون ذلك لم يدرك الصلاة‏.‏

4021 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ يحصل من بعض الناس بل الكثير وهو على الطريق أن يجمع صلاة الجمعة مع صلاة العصر جمع تقديم، معللاً ذلك بأنه يصلي ظهراً وليست نيته صلاة الجمعة بل الظهر، حيث أنه مسافر تسقط عنه الجمعة ثم لو لم يصل الظهر بل أخرها مع صلاة العصر هل يصح فعله أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا حضر المسافر الجمعة وجب أن يصليها جمعة، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ‏}‏‏.‏ والمراد بالصلاة هنا صلاة الجمعة بلا ريب‏.‏ والمسافر داخل في الخطاب فإنه من الذين آمنوا، ولا يصح أن ينوي بها الظهر، ولا أن يؤخرها إلى العصر لأنه مأمور بالحضور إلى الجمعة‏.‏

وأما قول السائل إنه مسافر تسقط عنه الجمعة فصحيح أن المسافر ليس عليه جمعة بل ولا تصح منه الجمعة لو صلاها في السفر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقيم الجمعة في السفر، فمن أقامها في السفر فقد خالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيكون عمله مردوداً لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏ ‏.‏

أما إذا مر المسافر ببلد يوم الجمعة وأقام فيه حتى حان وقت صلاة الجمعة وسمع النداء الثاني الذي يكون إذا حضر الخطيب فعليه أن يصلي الجمعة مع المسلمين، ولا يجمع العصر إليها، بل ينتظر حتى يأتي وقت العصر فيصليها في وقتها متى دخل‏.‏

* * *

5021 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ إذا صلى المسافر يوم الجمعة الظهر قصراً هل تكون هذه ظهراً يجمع إليها صلاة العصر فما توجيهكم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ فضل الجمعة أمر لا ينبغي التهاون به؛ لأن الجمعة يوم واحد في الأسبوع، وأنت إذا نويت صلاة الظهر في هذا الأسبوع فلا تدري هل تدركك الجمعة الثانية أو لا‏؟‏‏!‏ فكونك تفوت هذا الأجر العظيم الذي أضل الله عنه اليهود والنصارى واختاره لهذه الأمة من أجل أن تجمع العصر إلى الظهر، لاشك أنه قصور نظر، فصل الجمعة ولا تجمع إليها العصر، وإذا حان وقت صلاة العصر فصل العصر، والحمد لله‏.‏

* * *

6021 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ من صلى الجمعة فهل يصلي الظهر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا صلى الإنسان الجمعة فإن الجمعة هذه هي فريضة الوقت أي فريضة وقت الظهر وعلى هذا فلا يصلي الظهر، وصلاة الظهر بعد صلاة الجمعة من البدع؛ لأنها لم تأت في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فيجب النهي عنها، حتى ولو تعددت الجمع فإنه ليس من المشروع أن يصلي الإنسان صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة، بل هي بدعة منكرة؛ لأن الله تعالى لم يوجب على المرء في الوقت الواحد سوى صلاة واحدة وهي الجمعة، وقد أتى بها‏.‏

وأما تعليل من علل ذلك بأن تعدد الجمع لا يجوز، وأنه إذا تعددت فالجمعة لأسبق المساجد، وهنا الأسبق مجهول فيؤدي حينئذ إلى بطلان الجمع كلها وإقامة الظهر بعدها‏.‏

فنقول لهؤلاء‏:‏ من أين لكم هذا الدليل أو هذا التعليل‏؟‏‏!‏ وهل بني على أساس من السنة، أو على صحيح من النظر‏؟‏‏!‏ الجواب ‏(‏لا‏)‏ بل نقول‏:‏ إن الجمعة إذا تعددت لحاجة فكل الجمع صحيح، لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَِنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ‏}‏ وأهل هذا البلد إذا تباعدت جهات البلد، أو ضاقت المساجد وتعددت الجمع بحسب الحاجة هم قد اتقوا الله ما استطاعوا، ومن اتق الله ما استطاع فقد أتى بما وجب عليه، فكيف يُقال إن عمله فاسد، وإنه يجب أن يأتي ببدله، وهي صلاة الظهر بدلاً عن الجمعة‏.‏

وأما إذا أقيمت الجمع في أمكنة متعددة بدون حاجة فلا شك أن هذا خلاف السنة، وخلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، وهو حرام عند أكثر أهل العلم، ولكن مع هذا لا نقول إن العبادة لا تصح؛ لأن المسؤولية هنا ليست على العامة، وإنما المسؤولية على ولاة الأمور الذين أذنوا بتعدد الجمعة بدون حاجة، فمن ثمّ نقول‏:‏

يجب على ولاة الأمور القائمين بشؤون المساجد أن لا يأذنوا في تعدد الجمع إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وهذا لأن للشارع نظراً كبيراً في اجتماع الناس على العبادات، لتحصل الألفة والمودة، وتعليم الجاهل، وغير ذلك من المصالح الكبيرة الكثيرة‏.‏ والاجتماعات المشروعة‏:‏ إما أسبوعية، أو حولية، أو يومية كما هو معروف، فالاجتماعات اليومية تكون في الأحياء في مساجد كل حي؛ لأن الشارع لو أوجبها على الناس أن يجتمعوا كل يوم خمس مرات في مكان واحد لكان في ذلك مشقة عليهم، فلهذا خفف عنهم، وجعلت اجتماعاتهم في مساجدهم كل حي في مسجده‏.‏

أما الاجتماع الأسبوعي‏:‏ فهو يوم الجمعة، فإن الناس يجتمعون كل أسبوع، ولهذا كانت السنة تقتضي أن يكونوا في مسجد واحد لا يتعدد؛ لأن هذا الاجتماع الأسبوعي لا يضرهم إذا قاموا به، ولا يشق عليهم، وفيه مصلحة كبيرة يجتمع الناس على إمام واحد، وعلى خطيب واحد يوجههم توجيهاً واحداً، فينصرفون وهم على عظة واحدة، وصلاة واحدة‏.‏

وأما الاجتماع الحولي فمثل صلاة الأعياد فإنها اجتماع حولي، وهي أيضاً لجميع البلد؛ ولهذا لا يجوز أن تتعدد مساجد الأعياد إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك كمساجد الجمعة‏.‏ والله الموفق‏.‏

* * *

7021 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ عن حكم السفر يوم الجمعة‏؟‏ وما الحكم إذا كان وقت إقلاع الطائرة بعد الأذان مباشرة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا نودي للصلاة أي صلاة الجمعة فيحرم السفر على من تلزمه الجمعة؛ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَوةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْاْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُواْ الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ‏}‏ فأمر الله عز وجل بالسعي للجمعة وترك البيع، فكذلك يترك السفر؛ لأن السفر مانع من حضور الصلاة، كما أن البيع مانع من حضور الصلاة‏.‏ لكن لو خاف فوات الرفقة وفوات غرضه لو تأخر فله السفر للضرورة‏.‏

أما قبل النداء فهو جائز‏.‏ وقال بعض العلماء بكراهته لئلا يفوت على الإنسان فضل الجمعة‏.‏

وأما إذا كان وقت إقلاع الطائرة بعد الأذان مباشرة فإن كان لا يفوت غرضه لو تأخر فإنه يتأخر، كما لو كان فيه طائرة تقلع بعد الصلاة بزمن لا يفوت به غرضه، وإن لم يكن طائرة إلا بعد زمن يفوت به غرضه فله أن يسافر حينئذ؛ لأنه معذور‏.‏

* * *

8021 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هناك بعض الخطباء يدخلون إلى المسجد يوم الجمعة ويشرعون في الخطبة قبل الوقت وربما أقيمت الصلاة ولم يحن وقت الزوال فما صحة ذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الشروع في الخطبة والصلاة يوم الجمعة قبل الزول محل خلاف بين العلماء‏:‏

فمنهم من قال‏:‏ إنها لا تجوز حتى تزول الشمس‏.‏

ومنهم من قال‏:‏ إنها تجوز‏.‏

والصحيح‏:‏ أنها تجوز قبل الزوال بساعة، أو نصف ساعة أو ما قارب ذلك‏.‏

ولكن الأفضل بعد الزوال، حتى عند القائلين بأنها يجوز أن تتقدم بساعة ونحوها؛ وذلك لأن المؤذن إذا أذن وسمعه من في البيوت فإنهم ربما يتعجلون فيصلون الظهر، فيحصل بذلك غرر للناس، ثم إن زوال الشمس بالاتفاق شرط لإقامة صلاة الجمعة على وجه الأفضلية، ولكن من العلماء من أجاز التقديم على الزوال، ومنهم من لم يجز، ولكنهم متفقون على أن تأخيرها حتى تزول الشمس أفضل‏.‏

ولو صلى قبل الزوال على الرأي الذي يقول بجوازها قبل الزوال فلا بأس‏.‏

وهنا مسألة بالنسبة لوقتنا الان لا نحبذ أن أحداً يصلي مبكراً عن الاخرين قبل الزوال‏.‏

* * *

9021 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ نلاحظ أن بعض أئمة الجوامع في صلاة الجمعة يدخل الخطيب قبل زوال الشمس بوقت، فيؤذن المؤذن، فتقوم بعض النساء المجاورات للمسجد بأداء الصلاة ظانه أن الوقت قد دخل، فتصلي الصلاة في غير وقتها، فنرجو منكم التوجيه في هذا الأمر، وهل تجوز صلاة الجمعة قبل الزوال‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ جمهور العلماء ومنهم الأئمة الثلاثة مالك، والشافعي، وأبو حنيفة، ورواية عن الإمام أحمد رحمهم الله أن الجمعة كالظهر لا تجوز قبل الزوال‏.‏

وعن الإمام أحمد رحمه الله رواية أنها تجوز قبل الزوال بساعة‏.‏

ورواية أخرى تجوز قبل ذلك أيضاً‏.‏

والاحتياط أن لا يأتي الخطيب إلا إذا زالت الشمس‏.‏

أولاً‏:‏ من أجل أن يوافق جمهور العلماء‏.‏

وثانياً‏:‏ من أجل أن لا تحصل هذه المفسدة التي أشار إليها السائل وهي صلاة النساء في البيوت الظهر قبل الزوال‏.‏

فنصيحتي لأخواني الأئمة‏:‏ أن لا يأتوا إلى المسجد إلا إذا زالت الشمس، والحمد لله الأمر ليس فيه مشقة، ليس هناك حر مزعج ولا برد مؤلم، أكثر المساجد فيها المكيف دافئاً في الشتاء، وبارداً في الصيف وليس هناك مشقة إطلاقاً ولله الحمد‏.‏

* * *

0121 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ بعض خطباء الجمعة رغبة في الخير يتقدمون في الحضور ويجلسون في المسجد إلى حين دخول الوقت فما حكم ذلك‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هؤلاء يثابون على نيتهم، ولا يثابون على عملهم، لأنه خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجمعة إنما يأتي عند الخطبة ولا يتقدم، والخير كل الخير في اتباعه عليه الصلاة والسلام، فبقاؤهم في بيوتهم أفضل حتى يأتي وقت الصلاة عند الزوال‏.‏

* * *

1121 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ هل تقام صلاة الجمعة في البراري‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ صلاة الجمعة لا تجوز إقامتها في البراري، ولهذا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقيم الجمعة في أسفاره، وذكر أهل العلم أن البوادي التي كانت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لا تقام فيها الجمعة، وإنما تقام الجمعة في القرى والأمصار، وعليه فإن من سكن البوادي لا تلزمه الجمعة، بل ولا تصح منهم صلاة الجمعة؛ لأن مكانهم لا يصح أن تقام فيه الجمعة، ولو كان مثل هذا المكان تقام فيه الجمعة لأقيمت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه إذا كان هذا المكان مكاناً للجمعة صارت إقامة الجمعة فيه من شريعة الله، وإذا كانت من شريعة الله فلابد أن تكون قائمة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تنقل إلى الأمة؛ لأن الله تعالى تكفل بحفظ دينه، ولما لم تكن قائمة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام علم أنها ليست من دين الله، ولا من شريعة الله، وإذا لم تكن من دين الله ولا شريعته فقام بها أحد من الناس فإنهامردودة عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد‏)‏، وعلى من كانوا في البر أن يقيموا صلاة الظهر قصراً إن كانوا في حكم المسافرين وإتماماً إن كانوا مقيمين‏.‏

* * *

2121 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ من كان يعمل في مزرعة في الصحراء ولا يستطيع أن يحضر الجمعة فما الحكم‏؟‏

فأجاب فضيلته قائلاً‏:‏ إن في الشريعة الإسلامية قاعدة هامة نافعة دل عليها عدة آيات من كتاب الله منها قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَفِرِينَ ‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَِنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ‏}‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَهِيمَ هُوَ سَمَّكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَءَاتُواْ الزَّكَوةَ وَاعْتَصِمُواْ بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ ‏}‏، فإذا كان المكان بعيداً عن المساجد، وليس هناك مسجد قريب يتمكن الإنسان أن يصلي فيه صلاة الجمعة فإنه ليس عليه جمعة في هذه الحال؛ لأنه معذور بتركها من أجل البعد والمشقة، فالحمد لله تعالى على تيسيره وعلى تسهيله لهذا الدين الذي تعبدنا به سبحانه وتعالى‏.‏

* * *

3121 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ مزارع يعمل في مزرعة بعيدة عن البلد ولا يستطيع أن يصل إلى المسجد ليصلي الجمعة فهل يصليها ظهراً‏؟‏ وهل يأثم صاحب المزرعة لعدم نقل هذا المزارع للبلد ليتمكن من الصلاة مع الناس‏؟‏ أفتونا مأجورين‏.‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ له أن يصلي في هذا المكان ظهراً كل جمعة؛ لأن صاحب المزرعة لا يمكنه من صلاة الجمعة بنقله إليها؛ ولأنه بعيد عن مكان المسجد وليس له ما يوصله إلى المسجد، هو معذور ولا حرج عليه أن يصلي في مكانه ظهراً‏.‏

ولا يأثم صاحب المزرعة إلا إذا كان قد شرط عليه عند العقد بأنه يمكنه من الصلاة ويقوم بنقله إلى المسجد فيجب عليه الوفاء بما شرط عليه‏.‏

* * *

4121 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ ما حكم صلاة العيدين والجمعة للمجاهدين والمرابطين في سبيل الله‏؟‏ وهل هناك فرق بين المجاهد والمرابط‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ المجاهد‏:‏ من يقاتل العدو، والمرابط‏:‏ هو الذي يكون على الثغور يحميها من العدو بدون قتال، هذا هو الفرق بينهما‏.‏

وأما الجمعة والأعياد فإنها لا تكون إلا في القرى المسكونة والمدن، ولا تكون في هذه الأماكن، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخرج في الغزو ويمكث المدة الطويلة ولا يقيم الجمع كما في غزوة تبوك وغيرها‏.‏

* * *

5121 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى ‏:‏ نحن في أرض بادية ونبعد عن أقرب القرى نحو ستين كيلو متراً ويصعب علينا الذهاب إليها لصلاة الجمعة لعدم وجود مواصلات، هل يجوز لنا أن نقيم جمعة في باديتنا ولاسيما نحن حوالي عشرين شخصاً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ البوادي لا تقام فيها الجمع؛ لأن الجمع إنما تكون في المدن المسكونة، أما البادية فإن الله تعالى قد وضع عنهم صلاة الجمعة فيصلون بدلها ظهراً، وكانت الأعراب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حول المدينة قاطنون في أماكنهم ومع ذلك لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بإقامة الجمع‏.‏

* * *